الحساسية للمعززات نظرية في الشخصية The Reinforcement Sensitivity Theory of Personality د. خالد أحمد جلال أستاذ علم النفس المساعد، آداب المنيا. Jeffrey Alan Gray (1934–2004) أولا: نماذج سمات الشخصية: الغلبة في موضوع سمات الشخصية يرجع للعلماء الانجليز فقد قدم أولبورت تصنفيا للشخصية تلاه ريموند كاتل في عوامل الشخصية الستة عشر، ثم أيزنك في أبعاد الشخصية الانبساط والعصابية، وأخيرا ماكراي وكوستا في العوامل الخمس الكبرى. ما يشعرنا بالتحيز في هذا الاتجاه للعلماء الإنجليز، على الرغم من جهود علماء آخرين أمثال كارل يونج في أنماط الشخصية. وفي ظني أن أي جهود في هذا الاتجاه من العلماء الآخرين لم تلق انتشارا وقبولا واسعا مثل هذه النظريات، والنظرية التي نتناولها ظهرت في أوج أعمال أيزنك، ومن ثم لم تنتشر على الرغم من أنها تكونت على أساس وقائع تجريبية معملية لمؤلفها العالم جراي. ثانيا: الحساسية للمعززات كنظرية في الشخصية: - جيفري جراي أحد تلاميذ أيزنك، تدرب في معمله أثناء إعداده للدكتوراة الاكلنيكية، والذي شجعه على تعريب الأعمال الروسية في الشخصية. - قدم جراي نظريته عام 1970م، كبديل لنظرية أيزنك في الشخصية 1967م، وهي تقوم على أساس بيولوجي وتجارب معملية على الفئران كأمتداد للمدرسة السلوكية. - تعد النظرية أحد أشهر النماذج النيوروسيكولوجية في الشخصية، وهي تقوم على الفروق الفردية في ردود الأفعال لمنبهات الثواب والعقاب، ولها تأثير كبير على بحوث الدافعية والانفعال والأمراض النفسية. - في عام 2000م قام جراي ونيل ماكنوتون Neil McNaughton بتنقيح النظرية حيث افترضا ثلاثة مبادئ أو نظم: 1- نظام الإقدام- الهروب- التجمد: Fight-Flight-Freeze system (FFFS) وهذا النظام مسؤول عن ردود الأفعال الوسيطة لكل المنبهات المكروهة الشرطية وغير الشرطية، وهو متعلق بسلوكيات الهروب والتجنب، ويركز على إنفعال الخوف أو القلق مثل: "أخرجني من هذا المكان"، فهو يركز على (الأمان) كعامل للشخصية التي تميل للخوف والتجنب، وذلك عكس النظرية القديمة التي ركزت فقط على المنبه المكروه (الألم) وهو منبه غير شرطي. 2- نظام المنحى السلوكي: Behavioral approach system (BAS) يتوسط هذا النظام ردود الفعل تجاه جميع المحفزات المرتبطة بالشهية، المشروطة وغير المشروطة. وهذا يولد العاطفة المتفائلة المتمثلة في "المتعة التوقعية". وتشتمل الشخصية المرتبطة على التفاؤل والتوجه نحو المكافأة والاندفاع، والتي تنعكس سريريًا على السلوكيات الإدمانية (مثل، المقامرة المرضية) وأنواع مختلفة من السلوكيات عالية الخطورة والاندفاعية، ويعد نظام تغذية مرتدة إيجابي. 3- نظام الكف السلوكي: Behavioral inhibition system (BIS) هو مسوؤل ليس عن ردود التوسط للمنبه المكروه الشرطي والخوف الفطري، ولكن لحل هدف الصراع بشكل عام بين النظامين السابقين BAS و FFFS إنه تغذية راجعة سلبية يهدف معارضة الانحراف عن هدف الصراع ومن ثم الخروج من الخطر. - كما تعتمد النظرية كنظرية للشخصية على مكونين رئيسيين: 1- كحالة State لوصف الأنظمة العصبية والسلوكيات والانفعالات المرتبطة بها والتي تكون قصيرة المدى نسبيا. 2- كسمة Trait لوصف السمات للاستعداد الأطول أمدًا لمثل هذه العواطف والسلوكيات.. ما الجديد في النظرية عن نظرية أيزنك للسمات: كما بينا تعد النظرية بديلة لنظرية أيزنك أوتعديل لها، فقد ركزأيزنك على اشتقاق عوامل الشخصية إحصائيا، بينما ركز جراي على: 1- الموضع العاملي التعامدي للانبساطية والعصابية. 2- الأساس النيوروسيكولوجي للانبساطية والعصابية. فقد افترض جراي أنه لتكوين فعالية أكثر سببية لمحوري الانبساطية والعصابية يمكن إدارة المحور بزاوية 30 درجة (التدوير المتعامد عكس عقارب الساعة) بعكس ما ذكر أيزنك في نموذجه. شكل (1) يبين فكرة جراي في تدوير المحاور لعاملي الانبساطية والعصابية بزاوية 30 درجة فالحساسية للعقاب تعكس القلق والحساسية للمكافأة تعكس الاندفاعية كمؤشرات للعصابية والانبساطية، وبتوضيح أكثر فإن النظرية تتنبأ بأن الفرد المندفع (+) هو أكثر حساسية لمؤشرات المكافاة مقارنة بالفرد الأقل إندفاعا (-). والأفراد الذين لديهم القلق مرتفع (+) أكثر حساسية لاشارات العقاب مقارنة بالأفراد منخفضي القلق (-). ومن ثم فقد افترض جراي في نظريته الحساسية للمعززات أن أبعاد الانبساطية والعصابية لأيزنك هي أبعاد ثانوية أو مشتقة Derivative أو تالية للحساسية لكل المكافأة والعقاب، حيث تعكس الانبساطية التوازن بين حساسيات المكافأة والعقاب، بينما العصابية تعكس قوة الترابط فيما بينهما، والتي يمكن توضيحها في شكل (2) التالي: شكل (2) توسط العصابية والانبساطية للحساسية لكل من المكافأة والعقاب ثالثا: قياس أبعاد النظرية: منذ ظهور النظرية عام 1970 كتعديل أو تطوير لنموذج أيزنك كان هناك طريقان للقياس: 1- الاعتماد على استخبار أيزنك في تقدير الأبعاد الثلاث للنظرية كونها امتداد لها. 2- صممت مقاييس جيدة لاختبار أبعاد النظرية أهمها: أ‌- مقياس Gray-Wilson Personality Questionnaire 1989 (GWPQ) يتكون من ستة مقاييس مختلفة كل منها يتكون من 20 سؤال يجاب عليها بنعم ولا، وهو مصمم لقياس الفروق الفردية على نظم النظرية الثلاث. كما ظهرت منه صورة مختصرة تتكون من 28 بندا قام بعملها كل من Slobodskaga, Sofronova and Wilson, 2003 وهم علماء روس، حيث تم اختزال الاستبيان إلى مقياسين رئيسيين وهما نظام التنشيط السلوكي ونظام الكف السلوكي (BAS and BIS)، وذلك على أساس معطيات التحليل العاملي على المراهقين الروس. ب‌- صورة جديدة من مقياس GWPQ، أعدها كل من Knyazev, Slobodskay and Wison, 2004 حيث استخدام التحليل العاملي الاستكشافي وحل العوامل الثلاث مكون النظرية، يحتوي كل بعد على 12 بندا، فالعامل الأول يمثل نظام الكف السلوكي (BIS) وهو يتضمن أربعة بنود للتجنب السلبي passive avoidance وأربعة للهروب flight واثنان للخمود extinction وبندين للهجوم fight. والعامل الثاني نظام الهجوم fight ، وهو يتضمن سبعة بنود للهجوم وبندا واحدا للنهج السلوكي وأربعة للتجنب النشط. والعامل الثالث ليمثل نظام النهج السلوكي (BAS) ويتكون من ستة بنود للنهج السلوكي وإثنان للتجنب النشط وواحد للانطفاء أو الخمود واثنان للهجوم وواحد للهروب. ت‌- مقياس أعده كلا من Reuter and Montag’s rRST-Q, 2015 في ألمانيا، يتكون المقياس في صورته النهائية من 31 عبارة تكون الإجابة عليها على مقياس ليكرت رباعي من رافض بشدة وحتى موافق بشدة، يتكون مقياس النهج السلوكي(BAS) من 8 عبارات ومقياس الكف السلوكي (BIS) من 11 عبارة ومقياس الهجوم-الهروب- التجمد (FFFS) من 11 عبارة. يتمتع المقياس بخصائص سيكومترية جيدة.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

تحديد حجم العينة بمعلومية حجم المجتمع، معادلة كوشران 1977 . Sample size calculation with Cochran formula

تحليل المسار في العلوم النفسية والتربوية والإجتماعية Path analysis for the social sciences

بيان في الصدق الذاتي (الفعلي أو الجوهري) أو دليل الثبات Intrinsic validity or the index of reliability